"عرسان" يهربون من نار القاعات بـ "أفراح" الكورنيش والنهار
ريم سليمان، دعاء بهاء الدين- سبق- جدة: فيما تستغل قاعات الأفراح إقبال الشباب في فصل الصيف على الزواج برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، ابتكر الشباب أفكاراً جديدة لإقامة حفلات الزفاف بالنهار وعلى الكورنيش هرباً من "حرارة " أسعار القاعات.
"سبق" التقت شباباً أقاموا حفلات زفاف بسيطة وأكدوا أن هذه الأفكار تمثل طوق نجاة من الديون التي باتت تغتال فرحة العروسين في بداية حياتهم.
حفل بسيط أبدى فيصل السعدي رغبته في إقامة حفل زفاف بسيط قائلاً: اتفقت مع عروسي وأهلها على إقامة حفل زفاف يقتصر على المقربين من الأسرتين، معللاً ذلك بالمبالغ الفلكية التي وصلت إليها أسعار قاعات الأفراح، وقال: قمت مع أهل عروستي بعمل ميزانية مبدئية لحفل الزواج، ووجدنا أن التكلفة تفوق 60 ألف ريال، وأوضح أن راتبه عشرة آلاف ريال، قائلاً: وجدت أني سوف أقترض ما يفوق راتبي ست مرات، معرباً عن شكره لأهل عروسه على تعاونهم معه، وقال: تفهم أهل العروس موقفي، وشجعوني على إقامة حفل بسيط يقتصر على المقربين فقط، وأن نستفيد بالمبلغ المتبقي في السفر للخارج والاستمتاع بشهر العسل.
وعبّر عبد الله الحارثي عن سعادته بحفل زفافه قائلاً: كان حفل زفافي مميزاً وبسيطاً في نفس الوقت، موضحاً أنه أقامه من العصر حتى العشاء، وقال: وجدت أن تكاليفه أقل، ويقتصر فقط على المقربين من الأسرتين، معرباً عن راحته النفسية لعدم اقتراضه من البنك أو الأهل في مقتبل حياته الزوجية، وقال: أشعر بالسعادة الغامرة وأقضي أجمل أيامي، وأنا بعيد عن شبح الديون.
وأعربت العروس نوف عبد الله عن سعادتها بحفل زفافها البسيط وقالت لـ "
سبق" الحمد لله كان زفافي بسيطاً، وقد استمتعت مع بنات العائلة وفرحت معهم بأجمل ليلة في عمري، موضحة أنها اتفقت مع عريسها على توفير نفقات الزواج حتى لا تكبلهما الديون في بداية زواجهما، وقالت: تكلف حفل زفافي 13 ألف ريال فقط، بحفل بسيط لشباب العائلة في مكان مفتوح، واحتفلت مع بنات عائلتي في أحد المقاهي النسائية بمبلغ بسيط، وكشفت عن رغبتها في توفير مبلغ الزفاف في السفر للخارج لقضاء إجازة الزواج.
مراعاة ظروف الشباب وأبدى عبد الله العتيبي موافقته على إقامة حفل بسيط لابنته قائلاً: إن الشباب هذه الأيام يواجه مشكلات عديدة في الزواج وشراء مسكن وتدبير نفقات الأسرة، مبدياً تعاونه مع عريس ابنته، وقال: لا بد للأسر أن تراعي ظروف الشباب الحالية، وتيسر عليه في كثير من متطلبات الزواج، وأكد أن السعادة الحقيقية للفتاة بالزواج من شاب يتصف بالدين والخلق الكريم، فهذا هو المقياس الحقيقي لاختيار العريس في هذا الزمن الصعب.
ورحب الشاب عبد الله الغامدي بهذه الفكرة الجريئة، وقال لـ "
سبق" تكلفت مبالغ طائلة في حفل زفافي منذ عامين، مشيراً إلى رغبة عروسه وأهلها في إقامة حفل زفاف يضاهي بنات العائلة، وقال: اضطررت للقرض من البنك حتى أستطيع توفير مبلغ الزفاف، مبدياً أسفه لسداده ديون الفرح بعد سنتين من زفافه، وقال: ما زلت حتى الآن أسدد قرض الزواج، وقد أتم ابني عامه الأول، وما زلت في دوامة الديون، وتمنى في ختام حديثه أن تعود الأيام مرة أخرى، ويقترح على عروسه إقامة هذه الحفلات البسيطة.
حفل زواج بـ 500 ريال وتحدث لـ "
سبق" المذيع بقناة الرسالة عبد الله عبد العظيم عن تجربه زفافه على كورنيش جدة قائلاً: رأيت زملائي ينفقون مبالغ خيالية في حفلات الزواج، لافتاً أن كثير من الشباب يقترض ويستدين حتى يصبح زواجه أسطورة يفتخر بها بين عائلته، وقال: قررت أن أكون أكثر واقعية مع نفسي وتساءلت لماذا أقترض في بداية حياتي الزوجية، وتظل الديون تكبلني وتغتال فرحتي؟ وأبدى سعادته لتفاعل الشباب من الطبقات الاجتماعية المختلفة، والقبائل العريقة مع فكرة زفافه البسيطة، قائلاً: شجعني أصدقائي على فكرتي الجريئة، والتي كانوا ينتظرون من يبادر بها، حتى يتخلصوا من الضغوط الاجتماعية التي تمثل عبئاً مادياً عليهم، وتثقل كاهلهم في بداية زواجهم.
وعبر عبد العظيم عن سعادته بتفاعل الشيوخ والعلماء مع تجربه زفافه، قائلاً: أرسلت دعوة زواج للدكتور قيس المبارك عضو هيئة كبار العلماء، ولم يتمكن من الحضور لارتباطات شخصية، معبراً عن امتنانه لفضيلته، وقال: اتصل بي دكتور قيس بعد زفافي، وأثنى على فكرتي البسيطة، ووصف هذا الزواج بأنه موافق للسنة، وقد كتب فضيلته مقالاً حث فيه الشباب على البساطة في حفلات الزفاف، وأثنى على الدكتور علي بادحدح لحرصه على حضور الحفل في نهايته وتهنئته عقب وصوله من السفر.
وبسؤاله عن تكاليف حفل زواجه أجاب: إذا رغب الشاب في إقامة زفافه على البحر، فإنه لن يتكلف سوى 500 ريال ثمن التمر والقهوة والشاي، مضيفاً أن حفل عشاء النساء في أحد المطاعم وحجز القاعة بلغ 12 ألف ريال، وأكد على رغبة معظم أصدقائه في إقامة حفل زفاف مماثل له، بيد أنهم يخشون عدم موافقة أهل العروس، وشكر في ختام حديثه أهل زوجته على دعمهم وتعاونهم من اجل إتمام حفل الزفاف بأيسر التكاليف.
مشهد رومانسي أوضحت الإعلامية منال فيصل الشريف أن حفلات الزواج النهاري تتم من الساعة
الرابعة عصراً إلى التاسعة مساء، مبدية إعجابها بهذه الحفلات وقالت: إنها تتميز بالبساطة وتقتصر فقط على المقربين من أهل العروسين، ولا يزيد عدد المدعوين عن 150 فرداً، وبينت أن العروسة تستمتع بوقتها قائلة: زفة العروس تبدأ الساعة الخامسة عصراً، ويتم تصوير العروس بالفستان الأبيض على البحر في مشهد رومانسي رقيق.
وأضافت الشريف أن النساء تكون استعداداتهن بسيطة في الملبس والتجميل، فلا مبالغة ولا بذخ في شراء فساتين السهرة، مؤكدة إقبال الأسر الثرية على هذه الحفلات، وقالت: إن الأسر الراقية تكسر العادات والتقاليد المتبعة في الأفراح المسائية، ولا تحب السهر المفرط الذي يتعارض مع مواعيد العمل، ولفتت إلى رفض كثير من الأسر توصيل السائق لبناتهن في وقت متأخر من الليل، قائلة: إن هذا يقلل من حياء الفتاة، ولا يليق بمجتمع مسلم، وطالبت الدولة بالتدخل لمنع امتداد حفلات الزفاف حتى الفجر.
وبسؤالها عن مدى الإقبال على هذه الحفلات أجابت: هناك أسر كثيرة رحبت بالفكرة لبساطتها، ولكسرها التقاليد السيئة في حفلات الزواج المسائية، لافتة أن تأثير الحفلات المسائية على الأسرة، وقالت: تعلن الطوارئ في البيت عند الذهاب لحفلات الزفاف، فالزوجة تسهر لوقت متأخر من الليل، وتترك أبنائها مع الخادمة، وقد ينجم عنه عواقب وخيمة، وكشفت عن رغبتها في إقامة حفلات زفاف لبناتها مستقبلاً في فترة العصر حتى العشاء.
مشاركة اجتماعية وتعليقاً على هذه الحفلات تحدث المستشار الأسري عبد الرحمن القراش قائلاً: إن الزواج سنة الحياة التي ارتضاها الله لخلقه، بيد أن دخلت على مفهومه الإنساني تغييرات أخرجته من مقصده الشرعي حتى أصبح صعب المنال، بسبب التكاليف الباهظة التي طرأت عليه، مطالباً الأسر بادراك أن الزواج ليس فقط حفلة تقام وفرحة لليلة ثم تنتهي بتبعات كثيرة سواء بالديون أو لا سمح الله بعين وحسد، وأوضح أن الزواج كما هو سواء تم ليلاً أو نهاراً، وربما لو تم نهاراً كان أكثر بركة وأقل تكلفة.
وأبدى القراش أسفه لرؤية البعض للزواج أنه تكلفة وإرهاق في فترة الليل من أجل. إسعاد الآخرين، دون إدراك أو مراعاة للعروسين، لافتاً أنه ليس من أخلاق الإسلام وقال: في الزمن السابق كان الزواج معاونة وفرحة للجميع تزف فيه العروسة ضحى بمساعدة الجيران والأقارب؛ ليس من حاجة وفقر بل إدراكاً أن الزواج مشاركة اجتماعية، وتمنى في ختام حديثه أن تعود تلك المفاهيم الراقية التي استوحت طابعها من الإسلام.