صبر جميل مشرف المنتدى الإسلامي
تاريخ التسجيل : 26/07/2012 عدد المساهمات : 1895 نقاط التقييم : 2041 الجنس : الجنسية : الهواية : المزاج : عبارتي المفضلة : مكان الاقامة : الاردن العمل : ادع الى سبيل ربك بالحكمة الأوسمة :
| موضوع: الإعجاز التاريخي في إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الإثنين سبتمبر 03, 2012 3:22 am | |
| ]بسم الله الرحمن الرحيم [size=18]حمداً لله تعالى مشفوعاً بالتوحيد والتقديس0 حمداً لله الذي خَصّ نبيَّه محمّداً وأهلَ بيته عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم بالاجتباءِ والاصطفاء، والتطهيرِ والتكريم، وأمرَ بالصلاةِ عليه وعليهم كما أمرَ بالصلاةِ على إبراهيم وآلِ إبراهيم، وجعل معرفتَهم براءةً من النار، ومحبّتَهم جوازاً على الصراط، وولايتَهم أمْناً مِن العذابِ الأليم. والصلاة والسلام على سيدنا محمّدٍ النبيِّ الأُمّيِّ الذي هو على خُلُقٍ عظيم، وبالمؤمنين رؤوفٌ رحيم. وعلى ذريّتهِ وأهل بيته وعترته , الذين بذِكْرهم تُستدفَعُ نوازلُ البلاء والضرر، ويُستعاذُ من سوء القضاء وشرّ القَدَر، ويُستنزل بهم في المُحول نَوافعُ المطر، ويُستقضى بهم على غلَبات اليأس وجوامعِ الوَطَر, جَمالُ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ , وهُم بـعـد المـمـاتِ جـمالُ الكُتْـبِ والـسِّيَـرِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ( الفجر هاتان الآيتان الكريمتان جاءتا في أخر الربع الأول من سورة الفجر, وهي سورة مكية, يدور محورها الرئيسي حول قضية البعث بعد الموت, وهي من القضايا الأساسية في العقيدة الإسلامية.
تبدأ السورة الكريمة بقسم من الله( تعالي) بالفجر, وهو يمثل الفترة الزمنية التي يبزغ فيها أول خيط من الشفق الصباحي علي جزء من سطح الأرض فيعمل ذلك علي محو ظلمة الليل بالتدريج حتي شروق الشمس, ويبدأ ذلك بوضع الجزء من الأرض الذي يبزغ عليه الفجر في وضع تبدو الشمس منه وكأنها علي بعد18,5 درجة تحت الأفق, وتظل ترتفع في حركتها الظاهرية حول الأرض, والتي تتم بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس حتي ظهور حافة الشمس العليا عند الأفق فتشرق الشمس. والفجر الصادق يمثل أول النهار من الناحية الشرعية.
وظاهرة الفجر تدور مع الأرض في دورتها اليومية حول محورها أمام الشمس, فتنتقل من منطقة إلي أخري بانتظام حتي تمسح سطح الأرض كله بالتدريج, وهي ظاهرة تصاحب بقدر من الصفاء البيئي والنقاء لا تساويها فترة أخري من فترات اليوم في ذلك فتتميز بالنداوة, والرقة والهدوء, وبانعكاس ذلك كله علي مختلف أنواع الخلائق, وربما كان ذلك وغيره من مبررات هذا القسم الإلهي بالفجر, والله( تعالي) غني عن القسم لعباده, والمقصود من ورود الآية القرآنية بصيغة القسم هو تنبيهنا إلي أهمية الأمر الذي جاء به القسم.
ويلي القسم بالفجر قسم ثان بـ( ليال عشر) وقد قيل فيها أنها الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان, ومن ضمنها ليلة القدر التي وصفها الحق( تبارك وتعالي) بأنها خير من ألف شهر, ويأتي في مقابلتها الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة, وفيها يوم عرفة الذي وصفه المصطفي( صلي الله عليه وسلم) بأنه أفضل يوم عند الله, ووصف العشر من ذي الحجة بأنه ما من أيام بأفضل منها عند الله.
ثم يأتي قسم ثالث بالشفع والوتر وفيه قيل أن المقصود بذلك الصلاة, ومنها الشفع كالصلاة الثنائية والرباعية, ومنها الوتر كالمغرب وختام الصلاة في آخر الليل.
ويلي ذلك قسم رابع بالليل إذا يسر وأصل السري هو السير بالليل, وإسناد ذلك إلي الليل قيل فيه أنه مجاز بمعني يسري فيه( وحذفت ياؤه في الآية الكريمة وصلا ووقفا), وقيل أنه ليس بمجاز, وذلك لتعاقب كل من الليل والنهار علي سطح الأرض بفعل دوران الأرض حول محورها أمام الشمس حتي يخرج نصفها المظلم من انطباق ظلمة السماء علي ظلمة الأرض وذلك بدخول طبقة نور النهار بينهما, وانتقال ظلمة ليل الأرض إلي جزء آخر منها كان يعمه نور النهار, ولا يخفي علي عاقل فوائد تعاقب كل من الليل والنهار علي سطح الأرض, وعلي الحياة الأرضية.
وبعد القسم بهذه الآيات الخمس, وبما لها من قيمة في انتظام حركة الحياة تتساءل سورة الفجر: هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ؟
أي لذي لب وعقل وبصيرة؟
وجواب القسم محذوف وتقديره: ليعذبن الله( تعالي) كل كافر ومشرك ومنكر للبعث, وكل مفسد في الأرض, وكل متجبر علي الخلق.. ودلالة ذلك هو سرعة الاستشهاد بمصارع عدد من الأمم البائدة من مثل أقوام عاد وثمود وفرعون, وقد أشارت الآيات إلي صفة لازمت كل أمة منهم, وألمحت إلي شيء من تجبرهم وطغيانهم وإفسادهم, وذكرت كيف صب الله( تعالي) علي كل منهم عذابه صبا, جزاء ما اقترفوه من آثام.. وأكدت أن الله( تعالي) قائم دوما بالمرصاد لكل متجبر علي الخلق وكل مفسد في الأرض وأن سنة الله واحدة في أخذ الطغاة المفسدين في كل زمان ومكان بأقسى أنواع العقاب, وأشد ألوان العذاب..!!
وبعد أن جمعت الآيات في سورة الفجر مصارع عدد من عتاة المفسدين في الأرض, وأكدت أن الله( تعالي) لهم ولأمثالهم دوما بالمرصاد, انتقلت بالحديث إلي شيء من طبائع النفس الإنسانية أمام قضية بسط الرزق وقبضه, وما فيها من ابتلاء للعباد, فالصالح يشكر النعمة, ويصبر علي المحنة, وغير ذلك تبطره النعمة التي يراها تكريما لشخصه, وتضجره المحنة التي يراها إهانة لكرامته, وترد الآيات بأن إنسانا هذا شأنه مخلوق أناني لا يفكر إلا في ذاته, قد جبلت نفسه علي عدم الاكتراث بإكرام إليتيم, ولا بالتحاض علي إطعام المسكين, وبالنهم الشديد في اقتسام الميراث, وبالحب الجم للمال, ثم تذكر الآيات فورا بالآخرة وما فيها من أهوال حين تدك الأرض دكا دكا, كناية عن تدمير الكون كله, ثم بعثه وبعث كافة الخلائق فيعرضون أمام ربهم( لا تخفي منهم خافية) والملائكة وقوف صفا صفا بين يدي الله( تعالي) ثم يؤتي بجهنم في هذا الموقف العصيب الذي يتقرر فيه مصير كل واحد من الخلق, وحينئذ يتذكر الإنسان ما فرط فيه من حياته الدنيا حين لا يفيد التذكر بشيء, ويتمني لو أنه كان قد قدم شيئا لهذا الموقف الرهيب..!!
وتصف الآيات جانبا من عذاب الكفار والمشركين في ذلك اليوم العصيب الذي يقول فيه الحق( تبارك وتعالي): فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ * ) 25 -26 الفجر
بينما يسمع نداء الحق( سبحانه وتعالي) علي كل نفس طيبة بقوله( عز من قائل):
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ) الفجر27 ـ30)
والإعجاز في سورة الفجر يشمل فيما يشمل القسم بخمس من آيات الله لم تكن أهميتها معروفة في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده, بالإضافة إلي وصف شيء من دخائل النفس الإنسانية, ووصف عدد من المظاهر والأحداث المصاحبة للآخرة, وهي من الغيوب المطلقة التي لا سبيل أمام الإنسان لمعرفة شيء عنها إلا من خلال وحي السماء
أما الأعجاز التاريخي في هذه السورة المباركة فهو أبلغ جوانب الإعجاز فيها لاشتماله علي ذكر ثلاثة من طواغيت التاريخ القديم هم قوم عاد, ومدينتهم إرم ذات العماد, وقوم ثمود الذين وصفتهم الآيات الكريمة بأنهم هم.. الذين جابوا الصخر بالواد, وفرعون ذي الأوتاد وهذه الأمم كانت قد بادت قبل بعثة رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بمئات السنين, ولم تكن الأمة العربية أمة تدوين وتوثيق, هذا فضلا عن بعد أراضي تلك الأمم البائدة عن مكة المكرمة بمئات بل بعشرات المئات من الكيلومترات في زمن لم تكن وسائل المواصلات ميسرة:
وذكر قوم عاد في القرآن الكريم يعتبر أكثر إنبائه بأخبار الأمم البائدة إعجازا, وذلك لأن هذه الأمة قد أبيدت إبادة كاملة بعاصفة رملية غير عادية.. طمرتهم وردمت آثارهم حتي أخفت كل أثر لهم من علي وجه الأرض, وبسبب ذلك أنكرت الغالبية العظمي من الأثريين والمؤرخين وجود قوم عاد, واعتبروا ذكرهم في القرآن الكريم من قبيل القصص الرمزي لاستخلاص العبر والدروس, بل تطاول بعض الكتاب فاعتبروهم من الأساطير التي لا أصل لها في التاريخ, ثم جاءت الكشوف الأثرية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بالكشف عن مدينة إرم وإثبات صدق القرآن الكريم في كل ما جاء به عن قوم عاد, وانطلاقا من ذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي هذا الكشف الأثري المثير الذي سبق وأن سجلته سورة الفجر في الآيات(6 ـ من قبل ألف وأربعمائة من السنين, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي حقيقة أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه لنا بنفس لغة وحيه التي أوحي بها( اللغة العربية) فظل محتفظا بصياغته الربانية, وإشراقاته النورانية, وبصدق كل حرف وكلمة وإشارة فيه.
وقبل البدء في الحديث عن (إِرَمَ ذَاتِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) لابد من استعراض سريع لقوم عاد في القرآن الكريم, ولشرح عدد من كبار المفسرين القدامي والمعاصرين لهذه الآيات القرآنية الثلاث.
قوم عاد في القرآن الكريم جاء ذكر قوم عاد في سورتين من سور القرآن الكريم سميت إحداهما باسم نبيهم هود( عليه السلام) وسميت الأخرى باسم موطنهم الأحقاف, وفي عشرات الآيات القرآنية الأخرى التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم جاء ذكرهم أيضا ونختار منها ما يلي:
(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ *) الأعراف65-72
(كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)الشعراء:123-140).
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ) (فصلت:13-16)
(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ *)(الأحقاف:21-26)
(كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:18-22).
( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ )(الحاقة6-8
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) الفجر6-8
وفي غير هذه الآيات جاء ذكر قوم عاد في كل من سورة التوبة(70),( هود:50-60), إبراهيم(9), الحج(42), ص(12), غافر(31), ق(13), الذاريات(41), الفرقان(38), العنكبوت(38), والنجم(50).
من أقوال المفسرين
في تفسير قوله( تعالي):
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (
( الفجر:6-
ذكر ابن كثير( رحمه الله) ما نصه أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ )؟ وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين, خارجين عن طاعته مكذبين لرسله, فذكر تعالي كيف أهلكهم ودمرهم, وجعلهم أحاديث وعبرا فقال أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ )؟ 6-7 الفجر وهؤلاء( عادا الأولي) وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا عليه السلام فكذبوه وخالفوه, فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم( بريح صرصر عاتية), وقد ذكر الله قصتهم في القرآن, ليعتبر بمصرعهم المؤمنون, فقوله تعالي إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ )عطف بيان زيادة تعريف بهم, وقوله تعالي ذَاتِ الْعِمَادِ ) لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد, وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا, ولهذا ذكرهم( هود) بتلك النعمة, وأرشدهم إلي أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )69 الأعراف
وقال تعالي فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة؟ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة) وقال ههنا الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) أي القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم, وقال مجاهد: إرم أمة قديمة يعني عادا الأولي, قال قتادة والسدي: إن إرم بيت مملكة عاد, وكانوا أهل عمد لا يقيمون, وقال ابن عباس: إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم, واختار الأول ابن جرير, وقوله تعالي الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) الضمير يعود علي القبيلة, أي لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد يعني في زمانهم,...., وسواء كانت العماد أبنية بنوها, أو أعمدة بيوتهم للبدو, أو سلاحهم يقاتلون به, أو طول الواحد منهم, فهم قبيلة وأمة من الأمم, وهم المذكورون في القرآن في غير ما موضع, المقرونون بثمود كما ههنا, والله أعلم.....
وجاء في تفسير الجلإلين( رحم الله كاتبيه) ما نصه أَلَمْ تَرَ ) ألم تعلم يا محمد( كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ) قوم هود عليه السلام.( إرم) هي: عاد الأولي, فـ إرم عطف بيان أو: بدل, ومنع الصرف للعلمية والتأنيث( ذَاتِ الْعِمَادِ )؟ أي: ذات الأبنية المرفوعة علي العمد, أو البناء المرتفع, ففي الصحاح والعماد: الأبنية المرتفعة, وقيل: ذات الطول...( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) في بطشهم وقوتهم..
وذكر صاحب الظلال( رحمه الله رحمة واسعة) ما نصه:.....( عاد إرم) وهي عاد الأولي, وقيل: أنها من العرب العاربة أو البائدة, وكان مسكنهم بالأحقاف وهي كثبان الرمال في جنوب الجزيرة بين حضرموت واليمن, وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم علي عماد, وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش, فقد كانت قبيلة عاد هي أقوي قبيلة في وقتها وأميزها( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) في ذلك الأوان..
وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن( رحم الله كاتبه برحمته الواسعة) ما نصه:..... وعاد هو: عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام, سمي أولاده باسمه.... وقيل لأوائلهم ـ وهم الذين أرسل إليهم هود عليه السلام ـ عاد الأولي تسمية لهم باسم أبيهم, وإرم تسمية لهم باسم جدهم... وقيل لمن بعدهم عاد الآخرة, و(إرم) بدل أو عطف بيان لـ(عاد).... وقيل: إن( إرم) قبيلة من( عاد) وهي بيت ملكهم, فهي بدل من( عاد), بدل بعض من كل.( ذات العماد) صفة لقبيلة( إرم) أي ذات الأعمدة التي ترفع عليها بيوت الشعر, إذ كانوا أهل خيام وعمد ينتجعون الغيوث ويطلبون الكلأ حيث كان, ثم يعودون إلي منازلهم, وقيل: ذات الرفعة والعزة,( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )صفة أخري لها, أي لم يخلق في بلادهم مثلها في الأيد والشدة وعظم الأجسام....
وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم جزي الله كاتبيه خيرا ما نصه: ألم تعلم كيف انزل ربك عقابه بعاد قوم هود, أهل إرم ذات البناء الرفيع, التي لم يخلق مثلها في البلاد متانة وضخامة بناء...
وذكر صاحب صفوة التفاسير( جزاه الله خيرا) ما نصه:.... أي ألم يبلغك يا محمد ويصل إلي علمك ماذا فعل الله بعاد قوم هود؟( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) أي عادا الأولي أهل إرم ذات البناء الرفيع, الذين كانوا يسكنون بالأحقاف بين عمان وحضرموت( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) أي تلك القبيلة التي لم يخلق الله مثلهم في قوتهم, وشدتهم, وضخامة أجسامهم....
ارم ذات العماد في التراث الإسلامي
في تفسير ما جاء عن( قوم عاد) في القرآن الكريم نشطت أعداد من المفسرين والجغرافيين والمؤرخين وعلماء الأنساب المسلمين, من أمثال الطبري, والسيوطي, والقزويني والهمداني وياقوت الحموي, والمسعودي في الكشف عن حقيقة هؤلاء القوم فذكروا أنهم كانوا من( العرب البائدة) وهو تعبير يضم كثيرا من الأمم التي اندثرت قبل بعثة المصطفي( صلي الله عليه وسلم بمئات السنين, ومنهم قوم عاد, وثمود, والوبر وغيرهم كثير, وعلموا من آيات القرآن الكريم أن مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف( جمع حقف أي: الرمل المائل), وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوبا, ومعظم الربع الخالي شمالا, وعمان شرقا, كما علموا من القرآن الكريم أن نبيهم كان سيدنا هود( عليه السلام), وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتي مات ودفن فيها قرب( وادي برهوت) إلي الشرق من مدينة تريم.
أما عن( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) فقد ذكر كل من الهمداني( المتوفى سنة334 هـ/946 م) وياقوت الحموي( المتوفى سنة627 هـ/1229 م) أنها كانت من بناء شداد بن عاد واندرست( أي: طمرت بالرمال) فهي لا تعرف الآن, وإن ثارت من حولها الأساطير.
الكشف الحديث عن إرم ذات العماد
في سنة1984 م زود احد مكوكات الفضاء بجهاز رادار له القدرة علي اختراق التربة الجافة إلي عمق عدة أمتار يعرف باسم جهاز رادار اختراق سطح الأرض GroundPenetratingRadarOrGPR فكشف عن العديد من المجاري المائية الجافة مدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربا إلي أواسط آسيا شرقا.
وبمجرد نشر نتائج تحليل الصور المأخوذة بواسطة هذا الجهاز تقدم احد هواة دراسة الآثار الأمريكان واسمه نيكولاس كلاب
NicholssClapp إلي مؤسسة بحوث الفضاء الأمريكية المعروفة باسم ناسا
(NASA) بطلب للصور التي أخذت بتلك الواسطة لجنوب الجزيرة العربية, وبدراستها اتضح وجود آثار مدقات للطرق القديمة المؤدية إلي عدد من أبنية مدفونة تحت الرمال السافية التي تملأ حوض الربع الخالي, وعدد من أودية الأنهار القديمة والبحيرات الجافة التي يزيد قطر بعضها عن عدة كيلو مترات.
وقد احتار الدارسون في معرفة حقيقة تلك الآثار, فلجأوا إلي الكتابات القديمة الموجودة في إحدي المكتبات المتخصصة في ولاية كإليفورنيا وتعرف باسم مكتبة هنتنجتون HuntingtonLibrary, وإلي عدد من المتخصصين في تاريخ شبه الجزيرة العربية القديم وفي مقدمتهم الأمريكي جوريس زارينز JurisZarins والبريطاني رانولف فينيس RanulphFiennes
وبعد دراسة مستفيضة أجمعوا علي أنها هي آثار عاصمة ملك عاد التي ذكر القرآن الكريم ان اسمها( ارم) كما جاء في سورة الفجر, والتي قدر عمرها بالفترة من3000 ق.م. إلي أن نزل بها عقاب ربها فطمرتها عاصفة رملية غير عادية. وعلي الفور قام معمل الدفع النفاث بكإليفورنيا( معهد كإليفورنيا للتقنية)
(TheJetPropulsionLaboratories, CaliforniaInstituteofTechnology,J.P.L) بإعداد تقرير مطول يضم نتائج الدراسة, ويدعو رجال الأعمال والحكومات العربية إلي التبرع بسخاء للكشف عن تلك الآثار التي تملأ فراغا في تاريخ البشرية, وكان عنوان التقرير هو: البعثة عبر الجزيرة
TheTrans-ArabiaExpedition وتحت العنوان مباشرة جاءت الآيتان الكريمتان رقما8,7 من سورة الفجر, وقد أرسل إلي التقرير لدراسته, وقد قمت بذلك فعلا وقدمت رأيي فيه كتابة إلي المسئولين بالمملكة العربية السعودية, وقد ذكر التقرير أن اثنين من العلماء القدامي قد سبق لهما زيارة مملكة عاد في أواخر حكمها, وكانت المنطقة لا تزال عامرة بحضارة زاهرة, والأنهار فيها متدفقة بالماء, والبحيرات زاخرة بالحياة, والأرض مكسوة بالخضرة, وقوم عاد مستكبرون في الأرض, ويشكلون الحضارة السائدة فيها, وذلك قبل أن يهلكهم الله( تعالي) مباشرة, وكان احد هؤلاء هو بليني الكبير من علماء الحضارة الرومانية( والذي عاش في الفترة من23 م إلي79 م), والآخر كان هو الفلكي والجغرافي بطليموس الاسكندري الذي كان أمينا لمكتبة الإسكندرية.وعاش في الفترة من100 م إلي170 م تقريبا), وقام برسم خريطة للمنطقة بأنهارها المتدفقة, وطرقاتها المتشعبة والتي تلتقي حول منطقة واسعة سماها باسم( سوق عمان).
ووصف بليني الكبير حضارة عاد الأولي بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخري علي وجه الأرض, وذلك في ثرائها, ووفرة خيراتها, وقوتها, حيث كانت علي مفترق طرق التجارة بين كل من الصين والهند من جهة وبلاد الشام وأوروبا من جهة أخري, والتي كانت تصدر إليها البخور والعطور والأخشاب, والفواكه المجففة, والذهب, والحرير وغيرها.
وقد علق كثير من المتأخرين علي كتابات كل من بليني الكبير وبطليموس الاسكندري بأنها ضرب من الخرافات والأساطير, كما يتشكك فيها بعض مدعي العلم في زماننا ممن لم يستطيعوا تصور الربع الخالي, وهو من أكثر أجزاء الأرض قحولة وجفافا اليوم, مليئا في يوم من الأيام بالأنهار والبحيرات والعمران, ولكن صور المكوك الفضائي جاءت مطابقة لخريطة بطليموس الاسكندري, ومؤكدة ما قد كتبه من قبل كل منه ومن بليني الكبير كما جاء في تقرير معهد الدفع النفاث.
إرهاصات قبل الكشف عن إرم
في سنة1975 م تم اكتشاف آثار لمدينة قديمة في شمال غربي سوريا باسم مدينة( إبلا) (Ebla) تم تحديد تاريخها بحوالي4500 سنة مضت, وفي بقايا مكتبة قصر الحكم في هذه المدينة القديمة وجدت مجموعة كبيرة من الألواح الصلصإلية( حوإلي15,000 لوح) تحمل كتابات بإحدي اللغات القديمة التي تم معرفة مفاتيحها وتمت قراءتها
في عددها الصادر بتاريخ ديسمبر1978 م نشرت المجلة الجغرافية الأهلية (NationalGeographicMagazine)
مقالا بعنوان
'Ebla:Splendorofanunknown Empire'(vol.154,no6,pp731.-759) لكاتب باسم(HowardlaFay)
جاءت فيه الإشارة إلي أن من الأسماء التي وجدت علي ألواح مدينة إبلا الإسم إرم علي أنه اسم لمدينة غير معروفة جاء ذكره في السورة رقم89 من القرآن الكريم.
بعد ذلك بعام واحد( أي في سنة1979 م) نشر اثنان من غلاة الصهاينة هما: حاييم برمانت وميخائيل ويتزمان (ChaimBermantandMichaelWetzman) كتابا بعنوان:
(Ebla-ARevelationInArchaeology) ذكرا فيه أسماء ثلاثة وجدت مكتوبة علي ألواح الصلصال المكتشفة في( إبلا) هي: شاموتو( أو ثمود), و(عاد), و(إرم) وذكرا أن هذه الأسماء الثلاثة ذكرت في السورة رقم89 من القرآن الكريم.
وأضاف هذان الصهيونيان أن( ثمود) اسم قبيلة ذكرها سارجون الثاني(SargonII) في القرن الثامن قبل الميلاد, بينما الإسم( إرم) قد اختلف فيه فمن المؤرخين من اعتبره اسما لإحدي القبائل, ومنهم من اعتبره اسما لمكان, أما عن الاسم الثالث( عاد) فقد اعتبراه اسما اسطوريا, وهذا من قبيل تزييف التاريخ الذي برع فيه الصهاينة منذ القدم, وقد سبقهم في ذلك جيش من مزيفي تاريخ الجزيرة العربية علي رأسهم ThomasBertramالذي نشر في الثلاثينيات من القرن العشرين كلاما مشابها.
في يوليو سنة1990 م تشكل فريق من البحاث في وكالة الفضاء الأمريكية(NASA) برئاسة (CharlesElachi) ومن معهد الدفع النفاث
(J.P.L) برئاسة (RonaldBlom)
للبحث عن( إرم ذات العماد) تحت رعاية وتشجيع عدد من الأسماء البارزة منها:
(ArmandHammar,SirRanulphFiennes,GeorgeHedges) ولكن البحث تأجل بسبب حرب الخليج.
بعد الكشف عن إرم
في يناير سنة1991 م بدأت عمليات الكشف عن الآثار في المنطقة التي حددتها الصور الفضائية واسمها الحالي الشيصار واستمر إلي مطلع سنة1998 م وأعلن خلال ذلك عن اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة علي أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلي9 أمتار وقطرها إلي3 أمتار ربما تكون هي التي وصفها القرآن الكريم.
في17/2/1992 نشر في مجلة تايم (Time) الأمريكية مقال بعنوان
(Arabia صsLostSandCastleByRichardOstling)
ذكر فيه الكشف عن إرم.
بتاريخ10/4/1992م كتبت مقالا بعنوان اكتشاف مدينة إرم ذات العماد نشر بجريدة الأهرام القاهرية لخصت فيه ما وصلني من أخبار ذلك الكشف حتي تاريخه.
في سنة1993 م نشر بيل هاريس كتابه المعنون
(BillHarris:LostCivilizations)
بتاريخ23/4/1998م نشر
(NicholasClapp) كتابه المعنون
TheRoadtoUbar:
بتاريخ14/6/1999م نشر بيكو إير(PicoIyer)
كتابه المعنون
(FallingoffTheMap:SomeLonelyPlacesinTheWorld)
وتوالت الكتب والنشرات والمواقع علي شبكة المعلومات الدولية منذ ذلك التاريخ, ولكن تكتم القائمون علي الكشف نشر مزيد من أخباره حتي يتمكنوا من تزييفه وإلحاقه بأساطير اليهود كما فعلوا من قبل في لفائف البحر الميت وآثار( إبلا) وغيرها من المواقع, ولكن كل ما نشر ـ علي قلته ـ يؤكد صدق ما جاء بالقرآن الكريم عن قوم عاد بأنهم:
كانوا في نعمة من الله عظيمة ولكنهم بطروها ولم يشكروها ووصف بليني الكبير لتلك الحضارة بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخري كأنه ترجمة لمنطوق الآية الكريمة( التي لم يخلق مثلها في البلاد).
أن هذه الحضارة قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية وهو ما سبق القرآن الكريم بالإشارة إليه.
أن هناك محاولات مستميتة من اليهود لتزييف تاريخ تلك المنطقة ونسبة كل حضارة تكتشف فيها إلي تاريخهم المزيف, ولذلك كان هذا التكتم الشديد علي نتائج الكشف حتي يفاجئوا العالم بما قد زيفوه, ومن ذلك محاولة تغيير اسم( إرم) إلي اسم عبري هو أوبار(Ubar).
هذه قصة( إرم ذات العماد) مدينة قوم عاد, التي جاءت الكشوف الأثرية الحديثة بإثبات ما ذكر عنها في القرآن الكريم. وإن كان نفر من الأقدمين قد حاول إنكار ذلك تطاولا علي الله وكتابه, فإن نفرا من المحدثين قد حاول إنكاره تطاولا علي العلم وأهله في زمن يتكلم فيه الرويبضة كما أخبرنا رسول الله( صلي الله عليه وسلم), ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ويبقي ما جاء في القرآن الكريم من ذكر لقوم عاد ولمدينتهم( إرم ذات العماد), ولما أصابها وأصابهم من دمار بعاصفة رملية غير عادية صورة من صور الإعجاز التاريخي في كتاب الله تشهد له بصفائه الرباني, وإشراقاته النورانية, وبأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, فالحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي نعمة الإسلام, والصلاة والسلام علي الرسول الخاتم الذي تلقاه وجاهد في سبيله حتي أتاه إليقين, وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين
| |
|