بسم الله الرحمن الرحيم
جميلة تلك الفصول الأربعه تتناوب لتبهجنا بما فيها ولتسعدنا بما يتخللها من ظروف وأحوال حتى وإن كان منها الحزين والمؤلم فهي تعلمنا,,كل شمساً تشرق فيها تحمل لنا مفاجأات لاتخطر على البال ومع غروبها تطوي الكثير والكثير من الحكايات منها ذو النهايه السعيده ومنها ذو النهاية المؤلمه,,وهنالك في سكون الليل المريب كانت هيفاء تراقب النجوم وتحادثها بصمت لكيلا يسمعها احد وتحدق بالقمر بذهول وكأنها تراه لأول مره وتقول له لما أنت وحيد مثلي!!؟
كانت هيفاء فتاه عاديه ولكنها ترا أنها متميزه عن غيرها بوسامتها ليس غروراً منها بل ثقه
لم يكن يشغل بالها آنذاك سوا إنهاء اعمالها المنزليه ومن ثم التفرغ لدراستها الثانويه
كانت شغوفه الى حد كبير بدراستها لكن تعيقها نوعاً ما المسؤليه التي أركنها والديها عليها في إدارة البيت والعنايه بإخوتها
وكانت عندما تسمع بحكايا الحب وقصصه تلوح بوجهها ضاحكه وأنها شئ لايعنيها ولايمكن أن تقع فيه
مرت الأيام وشاء الله أن يحدث مالايخطر ببالها ولاكان يوماً في الحسبان,,كانت كعادتها تعود الى المنزل بعد انتهاء دوامها المدرسي الى البيت مشياً على الأقدام وفي ذلك اليوم صار شيء قلب حياتها رأساً على عقب مرت سياره مسرعه تضج بالأصوات العاليه لم تنتبه هيفاء إلا وهي أمامها لاتفصلها عنها سوا أمتار لم تكن كافيه لتنجو من الأصطدام بها
فقدت وعيها وملئت دماؤها الأرض ولاأحد حولها
ومر الكثير من الوقت وهي على حالها لم يمر بالمكان أحد يساعدها
وبالصدفه مرت سيارة أخرى لتراها مرميه على الأرض ملطخه بدماءها وفي حاله يرثى لها
أُخذت الى المستشفى وهي لاتشعر بأي شيء وفوراً الى غرفة العنايه المركزه لتتدارك في آخر اللحظات بعد أن أوشك قلبها على التوقف بل وانقطعت أنفاسها وتشوهت تلك الملامح الجميله بالجروح والدماء
دقات القلب تبدو ضعيفه وكأنها تتلاشى شيئاً فشيئاً والتنفس الصناعي لايفارقها لتعود اليها شيئاً من أنفاسها,,الأطباء مندهشون من قوة تحمل هذا الجسد وصموده الى تلك اللحظه ويعملون بجهد كي تعود نبضاتها الى حالتها الطبيعيه لكن المؤشر لايبشر بخير وتبدوا هيفاء قد دخلت في غيبوبه عارمه جعلت الأطباء يشكون في نجاتها ويقللون نسبة النجاه الى ألى اقل الأحتمالات
بدا الكل في توتر وفي قلق بشأن وضعها الغير مستقر والأهل في الخارج ينتظرون أبنتهم آملين نجاتها وأصواتهم تصيح بالدعوات المختلطه بالبكاء على ما هي فيه
وفجأه بدأت هيفاء تمتم بشكل غريب وملفت أدهش الأطباء من حولها,, الصوت غير مفهوم لكنه شجي تحاول أحد الممرضات مسح بعض الدماء التي أخفت ملامحها وهي تقترب منها كي تفهم ماتمتم به في دهشه واذ بها تبتعد قليلاً وتجهش بالبكاء وتصرخ يآلله هذه تموت وتقرأ القرآن على ماهي فيه وأنا لم أفتحه منذ أشهر وخرجت من الغرفه بسرعه ولم تعد
نعم كانت تمتم بالقرآن وهي على فراش الموت في نظرهم
أقترب احد الأطباء بعد أن شعر أن حالتها اقتربت للنهايه وبدأ يرا الموت يلوح في وجهها وهمس في أذنيها أشهد ان لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله والنبض يتلاشى ويتلاشى فإذ بصوتها الشجي يتمتم بالشهادتين,,
أمتلأت عينا ذاك الطبيب بالدموع من لسان حالها الذي يردد ويلهج بذكر الله وقد أيقن بأنها مفارقه
وفجأه اذ بالنبض يعود ويرتفع شيئا فشياً والأنفاس تعود الى وضعها الطبيعي والطبيب ينظر في دهشه وهي تردد وتقرأ بلا توقف والنبض يزداد أي معجزة هذه!!
لم يحتمل الطبيب المنظر وأنخفض ساجداً لله معترفاً بقدرته التي وسعت كل شيء وكأن هيفاء تعني له شيئاً كبيراً
خرج ليبشر أهلها بأرتفاع نسبة نجاتها واستقرار حالتها
وفعلاً استقر وضعها لكنها كان يتوجب بقاؤها في العنايه المركزه لتجنب حدوث اي مضاعفات في حالتها
وبعد مرور مايقارب اسبوعان أنزلت هيفاء الى غرفة التنويم لأستقرار حالتها لكن المفاجئه كانت مؤلمه لهيفاء عندما أدركت أنها لاتستطيع تحريك قدميها وكأنما شلَت,,
كانت تبكي بصمت حارق ولسان حالها يردد الحمدلله
وكان الخبر بالنسبه لأهلها كالصاعقه هيفاء تصبح مقعده وهي لم تتجاوز السابعة عشر من عمرها لم تستمتع بعد بحياتها ولم تحقق شيئأ من طموحاتها وكل أحلامها تبخرت في لحظه وبسبب تهور شباب طائش
لكن الطبيب الذي وقف على حالتها في العنايه المركزه ورأها تنجو بمعجزه من الموت لم يستبعد أن تحدث معجزة أخرى تجعلها تقف مرة أخرى على قدميها
ومرت الأيام وأصرت هيفاء على العوده الى منزلها كي تكون بالقرب من أهلها وكان لها ماأرادت
لم تعد هيفاء كما يخيل لأذهانكم بعاهه وقصة مأساويه بل عادت تحمل في قلبها حباً عظيماً لم يكن يخيل لها أنه سيسكن قلبها مع كل الألم الذي يعشش فيه منذ إصابتها
أحبت هيفاء ذلك الطبيب من دون أن تريد ومن دون أن تدرك أن وضعها لايسمح لمن مثلها بالحب وهي مقعده ولايمكن أن يبادلها نفس الشعور
ومرت الأيام والشهور وهيفاء على نفس حالها مقعده تعتمد على أمها في قضاء حاجياتها ولايتوقف قلبها عن حب ذلك الطبيب ولاعن الدعاء بأن يشفيها الله
وفي أحد الأيام حصل أمر لم يكن يخطر على بال أحد من أسرة هيفاء جاءهم ذلك الطبيب ليطلب هيفاء للزواج بعد أن تعلق قلبه بها وإعجابه بإيمانها الشديد لم يكن الأب مستوعباً ذلك ولامصدقاً فكيف لطبيب لاتنقصه أي مؤهلات بأن يطلب الزواج من ابنته المقعده
جاء يجر الخطا الى ابنته ليبشرها بأن هناك من تقدم لخطبتها ويرغب بالزواج بها أمتلأت عيناها بالدموع وهي تسمع حديث والدها وقالت بنبره حزينه ومن هذا الذي يرضى بمثلي وفي قلبها تقول لم أتمنى يأبي أحداً غير حسن تقصد ذاك الطبيب ثم اطرقت
ولكن اذا ماكان هذا مايرضيك يأبي فلا أعتراض على ماتقول وتريد ثم أنصرفت وهي تلوح بوجهها كي لايرى والدها دموعها
ثم جاءت اللحظه لينظر الخاطب الى مخطوبته,, حاولت هيفاء أن تكون كغيرها من البنات في تلك اللحظه وجاء والدها ليأخذها في عربتها الى من سيصبح لها زوجاً في المستقبل أدخلها الغرفه كي يراها خاطبها وتراه أدخلها وهي ترسل بصرها الى الأرض حياءاً وخجلاً وحزناً في نفس الوقت وما هي إلا لحظات وتصبح أمامه ليراها ولتراه فرفعت رأسها على استحياء لتخطفها بنظرة سريعة منها واذا به حسن" مستحيل شيء لايصدق واللأشعورياً تنهض هيفاء واقفه على قدميها من الدهشه ويصيب الذهول والدها وحسن ثم تمتلأ عيناها بالدموع فرحاً غير مصدقه والكل غير مصدق بأنها تقف على قدميها أي سعاده هي فيها تلك اللحظه من كان الوحيد الذي أحبته وتمنته ويكون سبباً في وقوفها على قدميها من جديد
أي نعمه من الله وأي سعاده تلك التي وهبها الله إياها في تلك اللحظه حينها تيقنت أن الله عظيم الجزاء ورحمته وعطاؤه ليس لها حدود وتيقن حسن أن الله على كل شئ قدير...
تعلموا أحبتي أن الله قادر على كل شيء وقادر على تحقيق كل أمانيكم ولايعجزه شيء..
أتمنى أن تكون القصه قد حازت على إعجابكم ونالت رضاكم واستفدتم منها وارحب بجميع الردود