الخمسة وعشرون نبي المذكورين في القرآن الكريم
إبراهيم 1
خليل الله أبو الأنبياء، ويعني في العبرية: الأب في الأعالي، وفي السريانية أب رحيم، ومعنى إبراهيم في العربية كثير التأمل وإطالة النظر وكان يطيل التأمل في السماء حتى تبين له الحق، وكان أول دعوته لأبيه لترك الأصنام لأنه أحق بالنصيحة. وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه. أنقذه الله تعالى من النار عندما ألقاه قومه بقوله تعالى: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء: 69]، ووصفه الله تعالى بأنه "أواه حليم". وقد كان عليه السلام مؤمنًا بالله تعالى، وهو الذي أزال الله به الشرور، وأبطل به الضلال، وآتاه رشده في صغره، وابتعثه رسولا واتخذه خليلًا في كبره. قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ [الأنبياء:51] وإبراهيم عليه السلام ابتلاه الله تعالى بأنواع البلاء فنجح فيها. فقد بذل ولده للقربان وهو البلاء المبين، وسمح ببدنه للنيران، وقدم ماله للضيفان، كل ذلك مبادرة ومسارعة لطاعة الله عز وجل وثقة فيه جلَّ شأنه.
إدريس 2
قال فيه تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا [مريم: 56-57]. وقد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية، وهو "خنوخ"، وهو في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب. وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد "آدم" "وشيث" عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم.
آدم 3
أبو البشر عليه السلام، سمي كذلك، لأنه خلق من أديم الأرض وهو ما ظهر منها، وقيل من الأدمة: أي شدة السمار أو شدة السمار والبياض نسبة إلى لون التراب الذي خلق منه وقد أكرمه الله تعالى بأن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بأن يسجدوا له، كما قال سبحانه فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [الحجر: 29]، وبتعليمه أسماء الأشياء كما قال سبحانه: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة: 31] وفي خلقه قال تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران: 59].
إسحاق 4
الابن الثاني لإبراهيم عليه السلام، وفي محكم التنزيل: وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ [الصافات:112-113] وأمه سارة بنت عم الخليل وقد كانت البشارة به من الملائكة لإبراهيم وسارة لما مروا بهما وهما في طريقهما إلى مدائن لوط، ليدمروا عليهم لكفرهم وفجورهم، وقد جاء لأبويه على كبر، وفي محكم التنزيل: فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [هود:71]. (وقيل في اسمه لعله من السحق أي الطول أو انسحاق القلب لانكساره وتذلله).
إسماعيل 5
هو ابن الخليل إبراهيم عليه السلام، وأمه هاجر القبطية المصرية. أمة لسارة عليهما السلام، ولد ولأبيه من العمر ست وثمانون سنة، قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنة. وقد أوحى الله تعالى لإبراهيم أنه استجاب له في إسماعيل وبارك عليه وكثره ونماه كثيرًا ويولد له اثنا عشر عظيمًا، ويجعله رئيسًا لشعب عظيم. وعندما أمر الله تعالى نبيه إبراهيم أن يبني البيت الحرام أعانه إسماعيل عليه السلام على ذلك فكان يأتي بالحجارة ويناولها إياه وفي محكم التنزيل: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ [البقرة :127]. فلما شب اختبره الله سبحانه فيه فرأى أنه يذبحه "ورؤيا الأنبياء وحي" فامتثلا لأمر الله في ذلك طاعة وثقة فيه سبحانه، فجعل لهما مخرجًا وفداه الله سبحانه بكبش عظيم. قال تعالى: قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى [الصافات: 102]، فقال: قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات: 102]، وأثناء البدء في التنفيذ والعزم في ذلك نودي من الله عز وجل: أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا [الصافات:104-105] أي قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك. ومبادرتك إلى أمر ربك وهنا فداه الله تعالى بالقربان إذ يقول في ذلك: وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات: 107]، فإسماعيل عليه السلام قدَّم أعظم مثل للسمع والطاعة والسداد للوالد ولرب العباد. (وقيل في اسمه: لعله من السَّمْعلَة أي الطول، ومعناه بالعبرانية: الله يسمع).
إلياس 6
قيل إلياس بن نشبي. اختفى من ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين، حتى أهلك الله الملك وولى غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم، فأمر بهم فقتلوا عن أخرهم. وفي محكم التنزيل: وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [الصافات: 123].
أيوب 7
(الصابر): من ذرية إبراهيم عليه السلام، وهو ابن موص بن زراح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وفي محكم التنزيل: وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ [الأنعام:84]. وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء في قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ [النساء: 163]. وقد ابتلاه الله تعالى في جسده وصحته، تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب وتركه أهله وقومه سوى امرأته، فضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب حتى كشف الله عنه ذلك البلاء وأثابه فضلا منه وإحسانًا، وفي محكم التنزيل: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُولِي الألْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: 41-44]. ومعنى اسمه ـ تقلب الياء واوًا ـ راجع، وسائر جميع النهار ونازل الليل، أو مُنار في السير.
الخضر 8
قيل إنه نبي، علمه الله، وقيل: رسول، وقيل: ولي، وقيل إنه كان ملكًا. وقيل إنه كان أعلم الناس، وقيل إنه كان من أشرف بني إسرائيل. وفي حديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء" رواه البخاري. وقيل إنما سمي الخضر لحسنة وإشراق وجهه، وقيل سمي بذلك لأنه إذا قام يصلي اخضر ما حوله. وقد وردت قصته مع موسى عليه السلام في سورة الكهف من القرآن الكريم.
اليسع 9
يقال إنه ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، وهو ابن أخطوب، وفي محكم التنزيل: وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [ الأنعام:86]. و- وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأخْيَارِ [ص: 48].
داود 10
هو داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن مخشون بن عوينادب بن أرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه وخليفته في بيت المقدس. قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه: كان داود عليه السلام قصيرًا، أزرق العينين [قليل الشعر] طاهر القلب نقيه. وقد قتل جالوت، وأعانه الله على عمل الدروع من الحديد، وقد ألان الله تعالى له الحديد حتى كان يفتله بيده لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة. وقد ثبت في الحديث: "أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده". وفي محكم التنزيل: وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ [ص:20]. وقد آتاه الله ملكًا عظيمًا وآتاه من حسن الصوت ما لم يؤت أحدًا قط. وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى".
ذو الكفل 11
المشهور أنه نبي. وفي محكم التنزيل: وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأخْيَارِ [ص: 48]. وقيل إنه كان رجلًا صالحًا وحكمًا مقسطًا عادلًا وذا حظ من الله. قيل إنه كان يصلي كل يوم مائة صلاة، فتكفّل له ذو الكفل من بعده فكان يصلي كل يوم مائة صلاة، فسمي ذا الكفل. وقيل إن له ضعف عمل أنبياء زمانه وثوابهم.
زكريا 12
آخر أنبياء العهد القديم. من أنبياء بني إسرائيل، كان عالمًا عابدًا، كثير الصلوات والدعوات، وهو الذي تكفل برعاية السيدة مريم أم المسيح عليه السلام. ومن دعاء زكريا المستجاب ما جاء في الآيتين 89 و90 من سورة الأنبياء: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ .
سليمان 13
سمي "سليمان" عليه السلام بهذا الاسم، لأنه كان سلِيم القلب. هو سليمان بن داود نبي ابن نبي. وفي محكم التنزيل: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ [النمل: 16]. أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش [والشياطين] والسارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات كل هذا من بارئ البريات وخالق الأرض والسموات.
شعيب 14
ابن ميكيل بن يشجن، ويقال له بالسريانية يترون، ويقال: جدته أو أمه بنت لوط وهو من مدين من أرض معان من أطراف الشام مما يلي ناحية الحجاز قريبًا من بحيرة قوم لوط. وكان ممن آمن بإبراهيم، وهاجر معه، ودخل معه دمشق، وكان بعض السلف يسمي شعيبًا خطيب الأنبياء لفصاحته وحلاوة عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته وفي محكم التنزيل: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ [الأعراف: 85]. وقد كان قوم شعيب أول من بخس الناس أشياءهم وأول من طفف في الميزان. وقد بدأ شعيب عليه السلام قومه بالترغيب ثم بالترهيب لروعهم فجاءتهم صيحة أسكتتهم مع رجفة أسكنتهم ونجاه الله تعالى والذين آمنوا معه. وفي محكم التنزيل: وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ [هود: 94-95]. وقيل إن موسى تزوج ابنته، (وقيل في اسمه: تصغير شعب: جيل من الناس التأم شعبهم، أي تجمعوا بعد التفرق).
صالح 15
ورد اسمه في القرآن الكريم تسع مرات، وقومه هم ثمود، ومعجزته الناقة التي أشارت إليها الآيات في سورة: الأعراف، وهود، والشعراء، والقمر والشمس، وفي محكم التنزيل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ [النمل: 45].
عيسى 16
(نفخة الله) سمي عيسى عليه السلام بهذا الاسم، لأنه من العيس وهو البياض، وقيل من العوس وهو السياسة. وسمي مسيحًا لأنه يمسح في الأرض وقيل لأنه ولد ممسوحًا بالدهن. هو عيسى بن مريم بنت عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق وحتى سلالة سليمان بن داود عليهم السلام، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخًا من مسة الشيطان إلا مريم وابنها" ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم /7 وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ /8 [آل عمران: 36] رواه أحمد والبخاري. وقد كان عليه السلام آية للناس خلقه الله تعالى بلا أب وتكلم في المهد وجعله بارًا بوالدته مباركًا وعلمه تعالى الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرًا بإذن الله، ويبرئ الأبرص والأكمه ويحيي الموتى بإذن الله.
لوط 17
هو لوط بن هارون بن تارح ـ وهو آزر ـ ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل وهو أبو الأمونيين والمؤابيين، وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه. فنزل بمدينة سدوم وأهلها من أفجر الناس، وأكفرهم وأسوئهم طوية، وأردئهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل ويأتون في واديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ابتدعوا فاحشة ما سبقهم بها أحد من العالمين وهي إتيان الذكور من العالمين وترك ما خلق الله لهم من النساء. فدعاهم لوط لعبادة الله وحده، ونهاهم عن تعاطي المحرمات، وفعل المنكرات، فتمادوا في ضلالهم، فأحل الله بهم البأس الذي لا يرد ما لم يكن في حسبانهم، وجعلهم عبرة للعالمين. (وقيل في اسم لوط أنه لفظ عربي مأخوذ من اللَّوط أي الالتصاق بالشيء، لأن عمه إبراهيم كان شديد الحب له والتعلق به).
محمد 18
نبي الله ورسوله وحبيبه وهو آخر الأنبياء والمرسلين وخاتمهم عليه الصلاة والسلام، ومن أسمائه وصفاته: أحمد: (صفة تفضيل من الحمد)، و- النذير، والمصطفى، و- المبشر، و-العاقب: (الذي عقب من كان قبله من الأنبياء). و- والأمين، و- النبي، و- الرسول، و- الطيب، و- الماحي ( لأن الله تعالى يمحو الكفر به)، والبشير، والنذير، قال الله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الفتح: 8]. وهو الشاهد، و- الوفي، و- نبي الصلاح، و- نبي الرحمة، و- الخاتم (خاتم الأنبياء أي آخرهم). وهو ذو الخصال المحمودة، أدَّبهُ ربه فأحسن تأديبه ومن صفاته: الزهد، والصدق، والأمانة، والنزاهة، والصبر، والحكمة، والشجاعة، والشكر لله تعالى. وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم كما وصفة الحق تبارك وتعالى. وقد كان خلقه القرآن كما وصفته عائشة رضي الله عنها. وهو النبي الذي يؤذن له بالشفاعة لمن يشاء الله تعالى يوم القيامة لمكانته وقربه منه بعد إرادته سبحانه.
موسى 19
(كليم الله) سمي موسى عليه السلام بهذا الاسم، لأن أصله في السريانية "موشا" فـ"مو" هو الماء، و"شا" هو الشجر، وكان قد وجد بين الماء والشجر فسمته بهذا الاسم "آسية بنت مزاحم امرأة فرعون". وهو ابن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام وفي محكم التنزيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا واسم أم موسى "أيارخا"، وقيل "أياذخت"، وقد منَّ الله عليه بأن رده إلى أمه، ونصره على فرعون. ونجاه من بني إسرائيل. وكلمه الله تعالى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ثم خاطبه تعالى كما يشاء: إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص :30] وأنعم عليه بالنبوة، وأعطاه الله تعالى تسع آيات بينات إلى فرعون وقومه، وأبطل بعزته ما صنعوا من السحر ووقع الحق. ومن شمائله وصفاته أنه كان حييًا ستيرًا، وعند ربه وجيهًا.
نوح 20
"قبل سمي بهذا الاسم لكثرة نَوْحه من خوف الله تعالى". وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ ـ وهو إدريس ـ ابن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليهم السلام، وقد نزلت فيه آيات عديدة وسورة كاملة، قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [العنكبوت 14:15]. أمره الله تعالى أن يصنع الفلك وهي السفينة العظمى التي لم يكن لها نظير قبلها ولا بعدها. وأن يحمل زوجين اثنين من كل شيء ويحمل أهله إلا من كان منهم كافرًا ومن آمن وهم قليل. وقد امتثل نوح عليه السلام لهذه الوصية وقال: ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [هود: 41] وأمر الله السماء أن تنهمر بالمطر، وأمر الأرض أن تتفجر عيونًا، فالتقى ماء السماء وماء الأرض وحدث طوفان عظيم، ولم يبق من الكافرين ديّار ثم استوت السفينة على الجودي، وقد مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة - إلا خمسين عاما ـ وغرس مائة سنة الشجر، وعندما عظمت صنع منها بإذن الله تعالى سفينته.
هارون 21
أول من أطلق عليه لقب وزير، وهو أخو النبي موسى عليه السلام، واشتهر بفصاحته وحسن بيانه قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهِ مَعِيَ رِدْءً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ [القصص: 33:35].
هود 22
ابن شالخ، بن أرفَخْشَذ بن سام بن نوح عليه السلام. ويقال: هو ابن عبد الله بن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ـ ذكره ابن جرير، ويقال: إن هودًا عليه السلام أول من تكلم بالعربية. ذكره القرآن الكريم سبع مرات، وأنه أرسل إلى قومه ـ عاد وكانوا عربا يسكنون الأحقاف ـ وهي ـ جبال الرمل ـ وكانت باليمن بين عمان وحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها "الشحر"، واسم واديهم "مغيث". ففي سورة الأعراف: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 65]، وفي القرآن الكريم سورة باسمه، يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها: "شيبتني هود".
يعقوب 23
"وهو إسرائيل بعد ذلك" قيل: سمي يعقوب عليه السلام بهذا الاسم، لأنه تنازع مع أخيه "عيص" في بطن أمهما، وكانا توأمين، فغلبه "عيص" فخرج أولًا، وخرج "يعقوب" عقيبه، فلذلك سمي "يعقوب". وكانت أمهما "رفقا" تحب يعقوب أكثر، لأنّه الأصغر. أما أبوهما فكان يحب "العيص" وكان العيص صاحب صيد، فذهب يبتغي ذلك، فأمرت "رفقا" ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه، ويصنع منهما طعامًا كما اشتهاه أبوه، ويأتي إليه به قبل أخيه ليدعو له، فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين ـ لأن العيص كان أشعر ويعقوب ليس كذلك ـ فلما جاء به وقربه إليه قال: من أنت؟ قال: ولدك، فضمّه إليه وجسّه وجعل يقول: أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجسّ والثياب فالعيص. فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدرًا وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده. ولما عرف أخوه وجد في نفسه عليه وجدًا كثيرًا، وذكروا أنه توعده بالقتل إذا مات أبوه. . وسأل أباه فدعا له دعوات أخرى أن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم. ولما سمعت أمه ما يتوعد به العيص أخاه يعقوب أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها "لابان" بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين ليسكن غضب أخيه، وأن يتزوج من بناته، وكان لديه ابنتان: إحداهما ليا وهي الكبرى وهي ليست جميلة، والأخرى راحيل الصغرى، فخطب الصغرى الجميلة، وطلب منه خاله أن يعمل معه سبع سنين فلما مضت المدة صنع طعامًا وزف إليه الكبرى، فلما رآها عرف أن خاله قد خدعه، فطلب منه أن يعمل سبع سنين أخرى ويزوجه راحيل ففعل وأنجبت ليا أربعه أولاد: روبيل ثم شمعون ثم لاوي، ثم يهوذا، فغارت راحيل وزوّجته جاريتها، "بلهى" حيث كانت لا تحبل، فحملت، وولدت له غلامًا سمته "دان" ثم حملت وولدت غلامًا سمته "نيثالي" فعمدت عند ذلك "ليا" فوهبت له جاريتها "زلفى" فولدت له أحاذ، واشبر، ثم حملت ليا أيضًا فولدت غلامًا خامسًا "ايساحر" ثم أنجبت "زابلون" ثم ابنة أسمتها "دينا" فصار لها سبعة من يعقوب، ثم دعت الله تعالى "راحيل" وسألته أن يهب لها غلامًا من يعقوب، فسمع الله نداءها وأجاب دعاءها، فحملت من نبي الله يعقوب، فولدت غلامًا عظيمًا شريفًا حسنًا جميلًا أسمته "يوسف". وقد حملت راحيل فولدت غلامًا وهو "بنيامين"، وقيل: أنها جهدت في طلقها به جهدًا شديدًا وماتت عقيبه، فدفنها يعقوب في "أفراث" وهي بيت لحم. وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق حتى توفي ودفنه ابناه. وكان عليه السلام يحسن الظن بربه، ولم ييأس من روح الله عندما فقد ابنه النبي يوسف عليه السلام في صباه.
يوسف 24
ابن النبي يعقوب عليهما السلام، وأشرف ابنائه ( الاثنى عشر) وأجلهم وأعظمهم، وورد عن طائفة من العلماء أنه لم يكن فيهم نبي غيره. وقال عنه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: (الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم). . رأى عليه السلام وهو صغير قبل أن يحتلم كأن أحد عشر كوكبًا ـ وهم إشارة إلى بقية إخوته ـ والشمس والقمر ـ وهما عبارة عن أبويه ـ قد سجدوا له، فهاله ذلك، فلما استيقظ قصها على أبيه، فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة. وقد أنعم الله تعالى عليه وخصه بأنواع اللطف والرحمة، وعلمه من تأويل الأحاديث ونصره على إخوته عندما كادوا له وحسدوه لمحبة أبيه له، ونزهه عن الفحشاء عندما همت به امرأة العزيز، ومكن له في الأرض بعد خروجه من السجن وآتاه الملك، وقد أعطاه سبحانه شطر الحسن، وقد جاء في حديث الإسراء: "فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن" أي على النصف من حسن آدم عليه السلام، وكان وجه يوسف مثل البرق، وكان إذا أتته امرأة لحاجة غطى وجهه. كما ذكر ابن مسعود، ولما رأته النسوة في دار العزيز قطعن أيديهن انبهارًا به ودهشة لمعاينته، وفي محكم التنزيل: وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 56].
يونس 25
(ذو النون، صاحب الحوت) وأبوه: متى، بعثه الله تعالى إلى أهل "نينوى" من أرض الموصل فدعاهم إلى الله عز وجل، فكذبوه وتمردوا على دعوته، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث. وقد ذهب مغاضبًا بسبب قومه، وركب سفينة في البحر، فلجت بهم، واضطربت، وماجت بهم وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون فاشتوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام، لثلاث مرات، فألقي في البحر، وبعث الله عز وجل حوتًا عظيمًا من البحر الأخضر فالتقمه. ونادى في الظلمات ربه فنجاه، وفي محكم التنزيل: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [الصافات: 139:148] وقد ورد في حديث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى".